فصل حكم صوم رمضان ومتى فرض
صفحة 1 من اصل 1
فصل حكم صوم رمضان ومتى فرض
صَوْمُ رَمَضَانَ فَرْضٌ ( ع ) فُرِضَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ ( ع ) فَصَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعَ رَمَضَانَاتٍ ( ع ) وَيَجِبُ صَوْمُهُ بِرُؤْيَةِ هِلَالِهِ ، فَإِنْ لَمْ يُرَ مَعَ الصَّحْوِ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ أَكْمَلُوهُ ثَلَاثِينَ ثُمَّ صَامُوا وَصَلَّوْا التَّرَاوِيحَ ( و ) كَمَا لَوْ رَأَوْهُ ، وَإِنْ حَالَ دُونَ مَطْلَعِهِ غَيْمٌ أَوْ قَتَرٌ أَوْ غَيْرُهُمَا لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ وَجَبَ صَوْمُهُ بِنِيَّةِ رَمَضَانَ ، اخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ ، وَذَكَرُوهُ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ ، وَأَنَّ نُصُوصَ " - ص 7 -" أَحْمَدَ عَلَيْهِ ، كَذَا قَالُوا ، وَلَمْ أَجِدْ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ صَرَّحَ بِالْوُجُوبِ وَلَا أَمَرَ بِهِ ، فَلَا تَتَوَجَّهُ إضَافَتُهُ إلَيْهِ ، وَلِهَذَا قَالَ شَيْخُنَا : لَا أَصْلَ لِلْوُجُوبِ فِي كَلَامِ أَحْمَدَ وَلَا فِي كَلَامِ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَاحْتَجَّ الْأَصْحَابُ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَفِعْلِهِ ، وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ فِي الْوُجُوبِ ، وَإِنَّمَا هُوَ احْتِيَاطٌ قَدْ عُورِضَ بِنَهْيٍ ، وَاحْتَجُّوا بِأَقْيِسَةٍ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعِبَادَاتِ يُحْتَاطُ لَهَا ، وَاسْتَشْهَدُوا بِمَسَائِلَ ، وَهِيَ إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى الِاحْتِيَاطِ فِيمَا ثَبَتَ وُجُوبُهُ أَوْ كَانَ الْأَصْلُ ، كَثَلَاثِينَ رَمَضَانَ ، وَفِي مَسْأَلَتِنَا لَمْ يَثْبُتْ الْوُجُوبُ ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الشَّهْرِ . وَمِمَّا ذَكَرُوهُ : الشَّكُّ فِي انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْمَسْحِ يَمْنَعُ الْمَسْحَ ، وَإِنَّمَا كَانَ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْغُسْلُ ، فَمَعَ الشَّكِّ يُعْمَلُ بِهِ . وَيَأْتِي : هَلْ يُتَسَحَّرُ مَعَ الشَّكِّ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ ؟ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ : وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ الطَّهَارَةُ مَعَ الشَّكِّ احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ ، لِأَنَّهُ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ ، فَلَا يُبْطِلُهُ بِالشَّكِّ ، فَيُقَالُ : وَجَوَازُ الْأَكْلِ وَالْجِمَاعِ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ فَلَا يُحَرِّمُهُ بِالشَّكِّ .
وَقَالَ الْقَاضِي وَابْنُ شِهَابٍ : وَغَيْرُهُمَا لِأَنَّ الطَّهَارَةَ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ فِي نَفْسِهَا ، وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ فِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ النَّفَلُ بِالشُّرُوعِ : الطَّهَارَةُ مَقْصُودَةٌ ؟ فِي نَفْسِهَا ، وَلِهَذَا يُسْتَحَبُّ تَجْدِيدُهَا ، بِخِلَافِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ ، وَتَأْتِي فِيمَا يُفْعَلُ عَنْ الْمَيِّتِ ، وَقِيلَ لِمَنْ نَصَرَ مِنْ الْأَصْحَابِ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ : صَوْمُ يَوْمِ الْغَيْمِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ نَذْرُ صَوْمِ رَجَبٍ أَوْ شَعْبَانَ : فَإِنَّهُ إذَا غُمَّ أَوَّلُهُ لَمْ يَلْزَمْ ، فَقَالَ : كَذَلِكَ " - ص 8 -" قَالَ أَصْحَابُنَا : وَالنُّذُورُ لَا تُبْنَى إلَّا عَلَى أُصُولِهَا مِنْ الْفُرُوضِ ، كَذَا قَالَ وَيَتَوَجَّهُ : يَلْزَمُ ، لِأَنَّهُ فَرْضٌ شَرْعِيٌّ عِنْدَهُمْ ، فَعَلَى هَذَا يَصُومُهُ حُكْمًا ظَنِّيًّا بِوُجُوبِهِ احْتِيَاطًا ، وَيُجْزِئُهُ . وَقِيلَ لِلْقَاضِي : لَا يَصِحُّ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَمَعَ الشَّكِّ فِيهَا لَا يُجْزَمُ بِهَا ، فَقَالَ : لَا يَمْتَنِعُ التَّرَدُّدُ فِيهَا لِلْحَاجَةِ ، كَالْأَسِيرِ وَصَلَاةٍ مِنْ خَمْسٍ ، كَذَا قَالَ . وَذَكَرَ فِي الِانْتِصَارِ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ إنْ لَمْ تُعْتَبَرْ نِيَّةُ التَّعْيِينِ ، وَإِلَّا فَلَا ، كَذَا قَالَ ، وَتُصَلَّى التَّرَاوِيحُ لَيْلَتئِذٍ " - [ لَيْلَةَ الْغَيْمِ ] - " ، فِي اخْتِيَارِ ابْنِ حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَجَمَاعَةٍ ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ : وَهُوَ أَشْبَهُ بِكَلَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ الْفَضْلِ : الْقِيَامُ قَبْلَ الصِّيَامِ احْتِيَاطًا لِسُنَّةِ قِيَامِهِ وَلَا يَتَضَمَّنُ مَحْذُورًا ، وَالصَّوْمُ نُهِيَ عَنْ تَقَدُّمِهِ ، وَاخْتَارَ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ وَالتَّمِيمِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ لَا تُصَلَّى ، اقْتِصَارًا عَلَى النَّصِّ ( م 1 ) وَلَا تَثْبُتُ بَقِيَّةُ الْأَحْكَامِ مِنْ حُلُولِ الْآجَالِ وَوُقُوعِ الْمُعَلَّقَاتِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَمُدَّةِ الْإِيلَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ . " - ص 9 -" وَذَكَرَ الْقَاضِي احْتِمَالًا : تَثْبُتُ كَمَا يَثْبُتُ الصَّوْمُ وَتَوَابِعُهُ مِنْ النِّيَّةِ وَتَبْيِيتُهَا وَوُجُوبُ الْكَفَّارَةِ بِالْوَطْءِ فِيهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ ، وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ ، عَمَلًا بِالْأَصْلِ خُولِفَ لِلنَّصِّ وَاحْتِيَاطًا لِعِبَادَةٍ عَامَّةٍ ، وَعَنْهُ : يَنْوِيهِ حُكْمًا جَازِمًا بِوُجُوبِهِ ، وَذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا ، فَيُصَلِّي التَّرَاوِيحَ إذَنْ ، وَقِيلَ : لَا ، وَعَنْهُ : لَا يَجِبُ صَوْمُهُ قَبْلَ رُؤْيَةِ هِلَالِهِ أَوْ إكْمَالِ شَعْبَانَ ، اخْتَارَهُ صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ وَشَيْخُنَا .
وَقَالَ : هُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ الْمَنْصُوصُ الصَّرِيحُ عَنْهُ ، وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ ، وَأَوْجَبَ طَلَبَ الْهِلَالِ لَيْلَتئِذٍ ، وَعَنْهُ : النَّاسُ تَبَعٌ لِلْإِمَامِ ، فَإِنْ صَامَ وَجَبَ الصَّوْمُ وَإِلَّا فَلَا ، فَيُتَحَرَّى فِي كَثْرَةِ كَمَالِ الشُّهُورِ قَبْلَهُ وَنَقْصِهَا ، وَإِخْبَارِهِ بِمَنْ لَا يُكْتَفَى بِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْقَرَائِنِ ، وَيُعْمَلُ بِظَنِّهِ ، وَيَأْتِي : الْمُنْفَرِدُ بِرُؤْيَتِهِ هَلْ يَصُومُهُ ؟ وَعَنْهُ : صَوْمُهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ ، اخْتَارَهُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ مَنْدَهْ الْأَصْفَهَانِيُّ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمْ ، فَقِيلَ : يُكْرَهُ ، وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً ، وَعُمِلَ أَيْضًا فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْفُنُونِ بِعَادَةٍ غَالِبَةٍ ، كَمُضِيِّ شَهْرَيْنِ كَامِلَيْنِ فَالثَّالِثُ نَاقِصٌ ، وَأَنَّهُ مَعْنِيٌّ التَّقْدِيرُ .
وَقَالَ أَيْضًا : الْبُعْدُ مَانِعٌ كَالْغَيْمِ ، فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ حَنْبَلِيٍّ يَصُومُ مَعَ الْغَيْمِ أَنْ يَصُومَ مَعَ الْبُعْدِ ، لِاحْتِمَالِهِ ، وَالشُّهُورُ " - ص 10 -" كُلُّهَا مَعَ رَمَضَانَ فِي حَقِّ الْمَطْمُورِ كَالْيَوْمِ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ مِنْ الشَّهْرِ فِي التَّحَرُّزِ وَطَلَبِ التَّحْقِيقِ ، وَلَا أَحَدَ قَالَ بِوُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَيْهِ ، بَلْ بِالتَّأْخِيرِ ، لِيَقَعَ أَدَاءً أَوْ قَضَاءً .
الشروح
" - الجزء الثالث - "" - ص 8 -"" - لَمْ يُرَ مَعَ الصَّحْوِ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ - " كِتَابُ الصِّيَام
( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَيُصَلِّي التَّرَاوِيحَ لَيْلَتئِذٍ فِي اخْتِيَارِ ابْنِ حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَجَمَاعَةٍ ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ : وَهُوَ أَشْبَهُ بِكَلَامِ أَحْمَدَ وَاخْتَارَ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ وَالْمَيْمُونِي وَغَيْرُهُمْ : لَا تُصَلَّى ، اقْتِصَارًا عَلَى النَّصِّ ، انْتَهَى .
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ : هَذَا الْأَقْوَى عِنْدِي قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ : وَتُصَلِّي التَّرَاوِيحَ لَيْلَتئِذٍ فِي الْأَظْهَرِ . قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ : فُعِلَتْ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ : هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَاخْتِيَارُ أَكْثَرِ مَشَايِخِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ ، ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ ( دَرْءِ الضَّيْمِ فِي صَوْمِ يَوْمِ الْغَيْمِ ) وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ ، وَاخْتَارَهُ أَيْضًا ابْنُ حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا ، كَمَا قَالَ " - ص 9 -" الْمُصَنِّفُ : وَالْقَوْلُ الثَّانِي جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَصَاحِبُ الْمُنَوِّرِ ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ : وَهُوَ أَظْهَرُ ، قَالَ النَّاظِمُ : وَهُوَ أَشْهَرُ الْقَوْلَيْنِ ، وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ ، وَاخْتَارَهُ أَيْضًا مَنْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ ، وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَمُحَرَّرِهِ ، وَصَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرُهُمْ .
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى